تُعرف جوجل بكونها عملاق التكنولوجيا والابتكار، حيث تقدم للعالم منتجات وخدمات غيرت حياتنا مثل محرك البحث، Gmail، و Android. ولكن، خلف هذه النجاحات الباهرة، يوجد تاريخ حافل بالتجارب والمشاريع التي لم تنجح أو لم تحقق التوقعات المرجوة، مما أدى إلى إيقافها. يُطلق على هذه المجموعة من المشاريع اسم "مقبرة جوجل" (Google Graveyard) بشكل غير رسمي.
استكشاف تطبيقات ومنتجات جوجل الفاشلة لا يقلل من شأن الشركة، بل يقدم دروسًا قيمة حول الابتكار، استراتيجيات السوق، وأحيانًا، صعوبة تغيير عادات المستخدمين.
لماذا تُغلق جوجل بعض منتجاتها؟
قبل الغوص في الأمثلة، من المهم فهم الأسباب المحتملة وراء قرار جوجل بإيقاف خدمة أو تطبيق:
* قلة الاستخدام أو التبني: عدم وصول المنتج إلى عدد كافٍ من المستخدمين النشطين.
* تغيير الاستراتيجية: تحول تركيز الشركة نحو مجالات أخرى أكثر ربحية أو أهمية استراتيجية.
* التكرار أو الدمج: دمج ميزات المنتج في خدمة أخرى أكثر نجاحًا (مثل دمج ميزات Inbox في Gmail).
* المنافسة الشديدة: عدم قدرة المنتج على المنافسة بفعالية في سوق مزدحم.
* عدم تحقيق الأهداف: فشل المنتج في تحقيق الأهداف المالية أو التقنية الموضوعة له.
* مشاكل تقنية أو تشغيلية: صعوبات في الحفاظ على المنتج أو تطويره.
أشهر سكان "مقبرة جوجل": أمثلة على منتجات جوجل الفاشلة
فيما يلي بعض أبرز منتجات وتطبيقات جوجل التي تم إيقافها:
* Google+ (جوجل بلس) (2011-2019):
* ما هو؟ محاولة جوجل الطموحة لمنافسة فيسبوك في عالم الشبكات الاجتماعية.
* لماذا فشل؟ على الرغم من الدفعة القوية من جوجل ودمجه مع خدمات أخرى (مثل يوتيوب)، عانى Google+ من ضعف التفاعل الحقيقي مقارنة بمنافسيه. واجه انتقادات بسبب التصميم المربك أحيانًا وتجربة المستخدم غير البديهية للكثيرين. تم تسريع إغلاقه للنسخة الاستهلاكية بعد اكتشاف ثغرات أمنية.
* Google Reader (جوجل ريدر) (2005-2013):
* ما هو؟ قارئ خلاصات RSS شهير ومحبوب للغاية سمح للمستخدمين بمتابعة الأخبار والمقالات من مواقعهم المفضلة في مكان واحد.
* لماذا أُغلق؟ أثار إغلاقه موجة غضب واستياء واسعة بين مستخدميه الأوفياء. بررت جوجل قرارها بانخفاض الاستخدام وتغيير توجهاتها نحو منتجات أخرى، لكن الكثيرين اعتبروا أن جوجل تخلت عن قاعدة مستخدمين مخلصين.
* Google Inbox (جوجل إينبوكس) (2014-2019):
* ما هو؟ تطبيق بريد إلكتروني مبتكر قدم طرقًا جديدة لتنظيم الرسائل مثل التجميع (Bundles)، التأجيل (Snooze)، والردود الذكية.
* لماذا أُغلق؟ عمل Inbox كحقل تجارب ناجح لميزات جديدة تم دمج العديد منها لاحقًا في Gmail. قررت جوجل تركيز جهودها على تطوير Gmail بدلاً من الحفاظ على تطبيقين منفصلين للبريد الإلكتروني، على الرغم من حب الكثيرين لـ Inbox.
* Stadia (ستاديا) (2019-2023):
* ما هو؟ خدمة ألعاب سحابية تتيح للمستخدمين لعب ألعاب الفيديو عالية الجودة عبر البث المباشر دون الحاجة إلى أجهزة قوية.
* لماذا فشلت؟ واجهت Stadia تحديات كبيرة منها نموذج العمل (شراء الألعاب بسعر كامل بالإضافة إلى الاشتراك أحيانًا)، مكتبة الألعاب المحدودة مقارنة بالمنافسين، والمنافسة الشديدة من Xbox Cloud Gaming و GeForce Now. لم تكتسب الخدمة الزخم الكافي وتم إغلاقها.
* Google Wave (جوجل ويف) (2009-2012):
* ما هو؟ منصة طموحة للغاية تهدف إلى دمج البريد الإلكتروني، والرسائل الفورية، والتعاون في الوقت الفعلي في أداة واحدة.
* لماذا فشلت؟ كان المنتج معقدًا للغاية وسبق أوانه. وجد العديد من المستخدمين صعوبة في فهم كيفية استخدامه أو الغرض منه، مما أدى إلى تبني منخفض وإغلاق سريع نسبيًا.
* Picasa (بيكاسا) (2004 - استحواذ جوجل / 2016 - الإيقاف):
* ما هو؟ برنامج شهير لتنظيم وتحرير الصور على سطح المكتب وخدمة ويب لمشاركتها.
* لماذا أُغلق؟ قررت جوجل تركيز جهودها في مجال الصور على خدمة Google Photos السحابية والأكثر حداثة، وتم إيقاف دعم Picasa.
الدروس المستفادة من مقبرة جوجل:
تُظهر منتجات جوجل الفاشلة أن الابتكار محفوف بالمخاطر وأن الشركات الكبرى لا تنجح في كل محاولاتها. كما تسلط الضوء على أهمية فهم احتياجات المستخدمين الحقيقية، وتقديم تجربة استخدام بسيطة ومباشرة، والقدرة على المنافسة بفعالية. بالنسبة للمستخدمين، تعد هذه القائمة تذكيرًا بأن الاعتماد الكلي على خدمة واحدة، خاصة المجانية منها، قد يكون محفوفًا بالمخاطر.
خاتمة:
"مقبرة جوجل" ليست مجرد قائمة بتطبيقات جوجل الفاشلة، بل هي شهادة على ثقافة التجريب المستمر التي تتبناها جوجل. فكل منتج تم إيقافه، حتى لو كان فاشلاً تجاريًا، قدم بيانات ورؤى قد تساهم في نجاح منتجات مستقبلية. وبينما قد نشعر بالحنين لبعض هذه الخدمات، يستمر عالم التكنولوجيا في التطور، وستواصل جوجل (وغيرها) إطلاق وإغلاق المنتجات في سعيها الدائم نحو الابتكار القادم.
تعليقات: (0) إضافة تعليق