على الرغم من أن تطبيق واتساب لا يزال متاحًا في روسيا حتى الآن، إلا أن المؤشرات المتزايدة من الدوائر الحكومية الروسية تشير إلى احتمالية حظره رسميًا في البلاد. يعود ذلك إلى عدة أسباب سياسية وأمنية، إلى جانب سعي موسكو لتعزيز ما تسميه بـ"السيادة الرقمية".
الخلفية: واتساب تحت المجهر الروسي
منذ تصنيف شركة ميتا – المالكة لتطبيق واتساب – كـ"منظمة متطرفة" في روسيا عام 2022، تم حظر منصتي فيسبوك وإنستغرام داخل البلاد. لكن واتساب نجا في البداية من هذا المصير، نظرًا لكونه تطبيقًا مخصصًا للمراسلة الشخصية وليس لنشر المحتوى العام.
غير أن هذا الوضع بدأ يتغير مع نهاية عام 2024، عندما أدرجت السلطات الروسية واتساب في "سجل موزعي المعلومات"، وهو ما يُلزم التطبيق قانونيًا بتخزين بيانات المستخدمين الروس محليًا، وتقديمها لأجهزة الأمن عند الطلب. حتى الآن، لم يمتثل واتساب لهذه المتطلبات، ما يعرضه لعقوبات قد تصل إلى الحظر الكامل.
دوافع الحظر المحتمل
1. عدم الامتثال للتشريعات المحلية
ترفض ميتا التعاون مع القانون الروسي بشأن تخزين البيانات على الأراضي الروسية أو تسليمها إلى جهاز الأمن الفيدرالي (FSB)، ما تعتبره الحكومة تهديدًا مباشرًا للأمن القومي.
2. السعي للسيادة الرقمية
روسيا تعمل على تقليل اعتمادها على الخدمات الأجنبية، خصوصًا تلك التابعة لدول مصنفة كـ"غير صديقة". في يونيو 2024، وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانونًا يدعم تطوير تطبيق وطني بديل لواتساب، على غرار تطبيق WeChat الصيني، ويُتوقع إطلاقه في سبتمبر 2025.
3. أسباب أمنية
وصف مسؤولون روس مثل النائب أندريه نيمكين واتساب بأنه يشكل "خرقًا قانونيًا للأمن القومي"، في ظل استحالة الرقابة عليه أو التحكم في محتواه من قبل الدولة.
مشروع "تطبيق Vlad": البديل الروسي لواتساب
تسعى الحكومة الروسية إلى إطلاق تطبيق مراسلة محلي يُعرف باسم "Vlad"، نسبة إلى فلاديمير بوتين. يتولى تطويره مجموعة VK (التي تدير شبكة VK الاجتماعية الشهيرة)، وسيتم دمجه مع الخدمات الحكومية مثل التوقيع الإلكتروني والتحقق من الهوية، ما يجعله أقرب إلى منصة شاملة شبيهة بـWeChat.
ومن المتوقع أن تدعم الحكومة التطبيق عبر خطوات مثل:
- إبطاء سرعة واتساب وتيليغرام تدريجيًا
- تقديم حوافز لاستخدام التطبيق المحلي
- فرض قيود تقنية أو قانونية على البدائل الأجنبية
شعبية واتساب في روسيا: عائق أمام الحظر؟
على الرغم من التهديدات، يُعد واتساب التطبيق الأكثر استخدامًا في روسيا، حيث تشير الإحصاءات إلى أن نحو 68-70% من السكان (قرابة 90 مليون شخص) يستخدمونه يوميًا، يليه تيليغرام بنسبة 55%.
هذه الشعبية الكبيرة تمثل تحديًا كبيرًا أمام جهود الحكومة لدفع المستخدمين إلى التحول لتطبيقها الوطني. ومن المرجح أن تواجه أي محاولة للحظر مقاومة من قبل المستخدمين، خاصة عبر استخدام أدوات تجاوز الحظر مثل VPN، كما حدث مع فيسبوك وإنستغرام.
ردود الأفعال والمخاوف الحقوقية
منظمات حقوق الإنسان، مثل جمعية حماية الإنترنت، حذرت من أن التطبيق الجديد قد يصبح أداة لمزيد من المراقبة الحكومية وتقييد حرية التعبير. هذا التخوف ليس بجديد، خاصة في ظل سوابق متعلقة بمراقبة الإنترنت وحجب المحتوى في روسيا خلال السنوات الماضية.
من جانبها، لم تصدر شركة ميتا أي تعليق رسمي على هذه التطورات حتى الآن.
في الختام: ماذا يمكن أن يحدث في سبتمبر 2025؟
إذا استمر واتساب في عدم الامتثال للقوانين الروسية الخاصة بتخزين البيانات، فمن المرجح أن يتم حظره رسميًا بحلول سبتمبر 2025، بالتزامن مع إطلاق التطبيق الوطني "فلاد". ومع ذلك، فإن نجاح هذا التحول يعتمد على مدى تقبّل المستخدمين للتطبيق الجديد، ومدى التشدد الحكومي في تقييد البدائل.
مستقبل المراسلة في روسيا: هل يشهد انقسامًا بين الشعبية والسيطرة؟
سيكون العام 2025 حاسمًا في رسم مستقبل الاتصالات الرقمية في روسيا. فبينما تسعى الحكومة إلى فرض بدائل محلية لأسباب تتعلق بالسيادة والأمن، سيبقى قرار المستخدم الروسي – خاصة في ظل توفر أدوات التحايل التقني – هو العامل الأكثر تأثيرًا في نجاح هذه الخطط أو فشلها.
تعليقات: (0) إضافة تعليق