القائمة الرئيسية

الصفحات

التكنولوجيا في خدمة التجسس: الوجه الخفي لشركات إسرائيلية مثل NSO وBlack Cube


في عالم تتشابك فيه التكنولوجيا مع السياسة والأمن، تبرز شركات إسرائيلية مثل "NSO Group" و"Black Cube" كنماذج صارخة لتوظيف الابتكار الرقمي في التجسس والانتهاكات الحقوقية، متجاوزة الحدود بين الأمن القومي والمصالح التجارية، وبين حماية المواطنين وملاحقة المعارضين.

NSO: من خدمة العملاء إلى اختراقهم
تأسست شركة "NSO" بعد أن قرر مجموعة من الجنود الإسرائيليين السابقين، دون خبرة تقنية مسبقة، استثمار خبراتهم العسكرية في المجال السيبراني. بدأت الشركة كمنصة لمساعدة شركات الهواتف الذكية ثم تحوّلت إلى واحدة من أكثر الكيانات المثيرة للجدل في عالم التجسس، من خلال تطوير برنامجها الشهير "بيغاسوس".


يُعتبر "بيغاسوس" أحد أخطر أدوات التجسس الرقمي، قادرًا على اختراق الهواتف الذكية بالكامل، والوصول إلى الرسائل والمكالمات والموقع الجغرافي وحتى تفعيل الكاميرا والميكروفون دون علم المستخدم. ورغم تبريرات الشركة بأن البرنامج مخصص لمكافحة الإرهاب والجريمة، إلا أن استخدامه شمل نشطاء حقوقيين وصحافيين مثل أحمد منصور وجمال خاشقجي.

منصة للتجسس باسم الأمن
فضحت تحقيقات أجرتها جهات مستقلة، مثل "Citizen Lab"، مدى انتشار استخدام "بيغاسوس" في أكثر من 45 دولة، بينها حكومات استعملته لقمع المعارضة. وتجلّت خطورته بعد تورّطه في اختراق تطبيق "واتساب"، ما سلط الضوء على قدرة "NSO" على استهداف ملايين الأجهزة.


كما ساهمت تقنيات NSO في تشكيل تحالفات جديدة، خصوصًا مع الإمارات العربية المتحدة، حيث تم توقيع صفقات بملايين الدولارات لشراء البرنامج، في سياق التعاون الأمني والسياسي ضد العدو المشترك: إيران.

Black Cube: التجسس بأسلوب استخباراتي كلاسيكي
من جهة أخرى، تعمل شركة "Black Cube" بأسلوب ميداني أشبه بأفلام الجاسوسية. ارتبط اسمها بفضائح مثل قضية المنتج السينمائي هارفي واينستين، حيث قامت بجمع معلومات حساسة عن ضحاياه بهدف تشويههم. كما تورطت في محاولات لتشويه سمعة داعمي الاتفاق النووي الإيراني داخل إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.

تحت حماية الدولة
لا يمكن لأي من هذه الشركات تصدير تقنياتها دون موافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية، ما يكشف عن علاقة وثيقة بينها وبين الحكومة، التي تستخدم هذه الأدوات لتقوية نفوذها الإقليمي والدولي. وتُعدّ هذه الشركات جزءًا من منظومة الاقتصاد الإسرائيلي الذي يضم أكثر من 300 شركة متخصصة في الأمن السيبراني.

خاتمة: حين تصبح الخصوصية سلعة
على الرغم من الانتقادات الواسعة والدعاوى القضائية التي تقودها منظمات حقوقية مثل "العفو الدولية"، فإن أنشطة هذه الشركات مستمرة، مدعومة بالطلب المتزايد من الحكومات القمعية حول العالم. المفارقة أن "NSO" تعمل الآن على تطوير هاتف لا يمكن اختراقه، محاولةً حماية نفسها من تقنياتها التي أنتجتها بنفسها، في دوامة لا تنتهي من التجسس والعلاقات السياسية المعقّدة.

author-img
مجلة التقنية

إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق