في خطوة قد تعيد تشكيل المشهد الرقمي العالمي، أعلنت شركة جوجل عن نيتها استئناف قرار قضائي صادر عن محكمة اتحادية أمريكية، يقضي بفرض قيود على أنشطتها التجارية بدعوى انتهاك قوانين مكافحة الاحتكار، خاصة في سوقي البحث والإعلانات عبر الإنترنت.
خلفية القضية: احتكار محرك البحث والإعلانات الرقمية
تتهم وزارة العدل الأمريكية شركة جوجل بإساءة استخدام هيمنتها على محرك البحث الأكثر استخدامًا عالميًا، إلى جانب سيطرتها على سوق الإعلانات الرقمية. ووفقًا للحكم القضائي، مارست جوجل ضغوطًا من خلال اتفاقيات حصرية مع مصنعي الهواتف الذكية وشركات الاتصالات، لضمان تثبيت محرك بحثها كخيار افتراضي، الأمر الذي أعاق المنافسة ومنع دخول منافسين جدد إلى السوق.
مقترحات أمريكية لتفكيك الاحتكار
طالبت وزارة العدل بفصل بعض وحدات أعمال جوجل، وأبرزها متصفح "كروم" ومحرك البحث، إضافة إلى إلزام الشركة بمشاركة البيانات المستخدمة في تحسين نتائج البحث، لتمكين المنافسين من تقديم خدمات مشابهة.
جوجل تدافع عن نموذجها التجاري
من جهتها، حذرت جوجل من تداعيات القرار على تجربة المستخدمين، لا سيما أن 80% من مستخدمي متصفح "كروم" يأتون من خارج الولايات المتحدة. وترى الشركة أن فصل المكونات قد يُضعف التكامل بين خدماتها، ويؤثر على الأداء العام، خاصة في الأسواق الدولية.
واقترحت جوجل إجراءات بديلة "أقل تطرفًا"، مثل منح مصنعي الهواتف حرية تثبيت متجر "غوغل بلاي" بدون إلزامهم بتثبيت متصفح "كروم" أو محرك البحث، مما يعزز التنوع دون تفكيك أعمالها.
منافسة متنامية في ظل صعود الذكاء الاصطناعي
تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه قطاع التكنولوجيا تنافسًا متسارعًا، لا سيما مع بروز أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل "ChatGPT" من OpenAI و"Bard" من جوجل نفسها. وتُعد هذه الأدوات تهديدًا محتملاً لنموذج البحث التقليدي الذي تعتمد عليه غوغل.
مستقبل الشركة على المحك
إذا ما تم تأييد الحكم القضائي، فقد تضطر جوجل إلى تعديل استراتيجيتها التجارية جذريًا، وهو ما قد ينعكس على مكانتها العالمية في سوق البحث والإعلانات. كما أن القرار يُشكل سابقة قانونية قد تُستخدم في قضايا أخرى ضد شركات التكنولوجيا الكبرى، سواء في الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
ختاما، تكشف هذه القضية عن تصاعد الضغوط التنظيمية على الشركات التقنية العملاقة، وسط تزايد الدعوات لضمان التنافسية ومنع الاحتكار. وجوجل، في صلب هذا المشهد، تجد نفسها مطالبة بالدفاع عن نموذج أعمالها في عصر تتسارع فيه التحولات التكنولوجية.
تعليقات: (0) إضافة تعليق