استوديو جيبلي (Studio Ghibli) هو استوديو ياباني للرسوم المتحركة تأسس في 15 يونيو 1985 في مدينة كوغاني بطوكيو، ويُعد من أبرز وأشهر استوديوهات الأنمي في العالم. أسسه ثلاثة من أهم الأسماء في صناعة الرسوم المتحركة اليابانية: المخرج هاياو ميازاكي، والمخرج إيساو تاكاهاتا، والمنتج توشيو سوزوكي. جاء تأسيس الاستوديو بعد النجاح الكبير لفيلم "ناوسيكا أميرة وادي الرياح" (Nausicaä of the Valley of the Wind) الذي أخرجه ميازاكي عام 1984، والذي يُعتبر أول عمل مرتبط بروح جيبلي رغم أنه صدر قبل التأسيس الرسمي.
أصل الاسم
كلمة "جيبلي" (Ghibli) مأخوذة من كلمة إيطالية تعني "الرياح الصحراوية الحارة"، وهي مستمدة أصلًا من العربية "قبلي"، وتشير إلى الرياح التي تهب في شمال إفريقيا. اختار ميازاكي هذا الاسم ليعبر عن رغبته في أن يكون الاستوديو بمثابة "ريح جديدة" تهب على صناعة الأنمي، حيث كان والده يعمل في مجال الطيران وألهمه اسم طائرة إيطالية تُعرف بـ "Caproni Ca.309 Ghibli". النطق الصحيح للاسم باليابانية هو "جي-بو-ري" (Ji-bu-ri)، لكن بالإنجليزية يُنطق غالبًا "جيب-لي" (Jee-blee).
الشعار والرمز
شعار الاستوديو هو شخصية "توتورو"، الكائن الخيالي الضخم والمحبوب من فيلم "جاري توتورو" (My Neighbor Totoro) الذي أخرجه ميازاكي عام 1988. هذه الشخصية أصبحت رمزًا عالميًا للاستوديو، وتجسد الروح الطبيعية والخيالية التي تميز أعماله.
الأسلوب الفني
يشتهر استوديو جيبلي بأسلوبه الفني الفريد الذي يعتمد بشكل رئيسي على الرسم اليدوي التقليدي، مع تفاصيل دقيقة وألوان غنية تعكس جمال الطبيعة والحياة اليومية. الأفلام غالبًا ما تستخدم هيكل "كيشوتنكيتسو" (Kishōtenketsu)، وهو نمط سردي ياباني تقليدي يتكون من مقدمة، تطوير، تطور، وخاتمة، مما يسمح بقصص غير خطية مليئة بالعمق. الاستوديو يحد من استخدام الرسومات المولدة بالحاسوب (CGI) للحفاظ على الطابع الحرفي، رغم أنه بدأ بتجربة الـCGI بشكل أكبر في أعمال لاحقة مثل "آيا والساحرة" (Aya and the Witch).
المواضيع الرئيسية
تتناول أفلام جيبلي مواضيع عميقة مثل:
- الطبيعة والبيئة: كما في "الأميرة مونونوكي" و"ناوسيكا"، حيث يبرز الصراع بين الإنسان والطبيعة.
- النمو الشخصي: مثل "خدمة توصيل كيكي"، التي تركز على الاستقلالية.
- العائلة والعلاقات الإنسانية: كما في "جاري توتورو" و"قبر اليراعات".
- الخيال والواقع: مزج فريد يظهر في "المخطوفة" و"قلعة هاول المتحركة".
أبرز الأعمال
أنتج الاستوديو العديد من الأفلام التي حازت على جوائز عالمية وشهرة واسعة، منها:
- "المخطوفة" (Spirited Away) (2001): فاز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة عام 2003، ويُعتبر من أعظم أفلام الأنمي.
- "الأميرة مونونوكي" (Princess Mononoke) (1997): ملحمة بيئية حققت نجاحًا تجاريًا هائلًا.
- "جاري توتورو" (My Neighbor Totoro) (1988): رمز الاستوديو وفيلم عائلي محبوب.
- "الصبي ومالك الحزين" (The Boy and the Heron) (2023): آخر أعمال ميازاكي حتى الآن، فاز بجائزة الأوسكار 2024.
- "قبر اليراعات" (Grave of the Fireflies) (1988): دراما مؤثرة عن الحرب من إخراج تاكاهاتا.
الإنجازات
حصل الاستوديو على جوائز عالمية عديدة، بما في ذلك جائزتي أوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة.
أفلامه حققت إيرادات ضخمة، مثل "المخطوفة" الذي كان الفيلم الأعلى إيرادًا في اليابان لعقود حتى تجاوزه "Demon Slayer" في 2020.
افتتح متحف جيبلي في طوكيو عام 2001، وهو مكان يعرض أعمال الاستوديو ويجذب المعجبين من حول العالم.
تطورات لاحقة
في 2014، أعلن الاستوديو توقفًا مؤقتًا عن الإنتاج بعد تقاعد ميازاكي المفترض، لكنه عاد لاحقًا لإخراج "الصبي ومالك الحزين". كما افتتحت حديقة جيبلي الترفيهية في محافظة آيتشي عام 2022، مما يعكس استمرار تأثيره الثقافي.
استوديو جيبلي ليس مجرد استوديو أفلام، بل ظاهرة ثقافية تركت بصمة عميقة في عالم الرسوم المتحركة بفضل رؤيته الفنية وإنسانيته.
تعليقات: (0) إضافة تعليق