في سابقة قد تعيد رسم معالم سوق التواصل الاجتماعي العالمي، تقترب شركة "ميتا" (المعروفة سابقًا باسم فيسبوك) من مواجهة واحدة من أخطر التحديات القانونية في تاريخها، بعد أن أنهت هيئة التجارة الفدرالية الأمريكية (FTC) مرافعتها في قضية مكافحة احتكار تتعلق باستحواذ ميتا على إنستغرام وواتساب.
خلفية القضية: "الشراء أو الإخفاء"
ترتكز القضية، التي بدأت في ديسمبر 2020، على اتهام ميتا باتباع استراتيجية "الشراء أو الإخفاء" لقتل المنافسة. وبحسب هيئة التجارة الفدرالية، فإن استحواذ ميتا على إنستغرام في عام 2012 وواتساب في عام 2014 لم يكن فقط بهدف التوسع، بل أيضًا لمنع ظهور منافسين يمكن أن يهددوا هيمنتها في مجال الشبكات الاجتماعية.
المحاكمة: مواجهة قانونية تاريخية
على مدى أكثر من سبعة أسابيع، عرضت FTC أدلتها أمام المحكمة، مشيرة إلى أن ميتا استخدمت قوتها المالية لشراء التهديدات المحتملة بدلًا من مواجهتها بمنتجات مبتكرة. وفي المقابل، دافعت ميتا عن شرعيتها في الاستحواذ، مؤكدة أن هذه المنصات ما كانت لتنجح بدون استثماراتها ودعمها التقني والتجاري.
وأكد محامو ميتا أيضًا أن بيئة المنافسة الرقمية قد تغيرت، حيث أصبحت منصات مثل تيك توك ويوتيوب منافسين مباشرين، مما ينفي فكرة الاحتكار التي تستند إليها الدعوى.
الحكم المرتقب: التفكيك ليس مستبعدًا
لم يصدر القاضي جيمس بواسبيرج قراره النهائي بعد، لكن من المتوقع أن يؤدي الحكم إلى استئناف من الطرف الخاسر. وإذا تم تأييد موقف FTC، فقد تواجه ميتا محاكمة ثانية لتحديد العقوبات المحتملة، والتي قد تشمل إجبار الشركة على فصل إنستغرام وواتساب عنها، وهو ما يُعد سابقة قانونية في قطاع التكنولوجيا.
تداعيات محتملة على صناعة التكنولوجيا
تمثل هذه القضية واحدة من أخطر التحديات القانونية التي تواجه شركة تقنية كبرى منذ تفكيك مايكروسوفت جزئيًا في التسعينيات. وفي حال أيد القضاء موقف هيئة التجارة الفدرالية، فإن شركات كبرى أخرى مثل غوغل وأمازون قد تجد نفسها في مواجهة دعاوى مشابهة.
ختاما، بينما ينتظر العالم حكم المحكمة، تبقى الأنظار متجهة نحو مستقبل ميتا، ليس فقط كواحدة من كبرى شركات التكنولوجيا، بل أيضًا كمثال على كيفية تعامل القانون مع النفوذ المتزايد للشركات الرقمية. فهل يشهد العالم أول تفكيك كبير لشركة تكنولوجيا عملاقة في العصر الحديث؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.
تعليقات: (0) إضافة تعليق